سورة التوبة - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)}
107- ومن المنافقين جماعة بنوا مسجدا لا يبتغون به وجه اللَّه، وإنما يبتغون به الضرار والكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين، وأنهم سيحلفون على أنهم ما أرادوا ببناء هذا المسجد إلا الخير والعمل الأحسن، واللَّه يشهد عليهم أنهم كاذبون في أيمانهم.
108- لا تصل- أيها الرسول- في هذا المسجد أبدا، وإن مسجداً أقيم ابتغاء وجه اللَّه وطلبا لمرضاته من أول أمره كمسجد قُباء لجدير بأن تؤدى فيه شعائر اللَّه، وفى هذا المسجد رجال يحبون أن يُطهروا أجسادهم وقلوبهم بأداء العبادة الصحيحة فيه، واللَّه يحب ويثيب الذين يتقربون إليه بالطهارة الجسمية والمعنوية.
109- لا يستوى في عقيدته ولا في عمله من أقام بنيانه على الإخلاص في تقوى اللَّه وابتغاء رضائه، ومن أقام بنيانه على النفاق والكفر، فإن عمل المتقى مستقيم ثابت على أصل متين، وعمل المنافق كالبناء على حافة هاوية، فهو واه ساقط، يقع بصاحبه في نار جهنم، واللَّه لا يهدى إلى طريق الرشاد من أصر على ظلم نفسه بالكفر.
110- وسيظل هذا البناء الذي بناه المنافقون مصدر اضطراب وخوف في قلوبهم لا ينتهى حتى تتقطع قلوبهم بالندم والتوبة أو بالموت، واللَّه عليم بكل شيء، حكيم في أفعاله وجزائه.


{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114)}
111- يؤكد اللَّه وعده للمؤمنين الذين يبذلون أنفسهم وأموالهم في سبيله، فإنه اشترى منهم تلك الأنفس والأموال بالجنة ثمنا لما بذلوا، فإنهم يجاهدون في سبيل اللَّه فيقتلون أعداء اللَّه أو يستشهدون في سبيله، وقد أثبت اللَّه هذا الوعد الحق في التوراة والإنجيل، كما أثبته في القرآن، وليس أحد أبر ولا أوفى بعهده من اللَّه، فافرحوا- أيها المؤمنون المجاهدون- بهذه المبايعة التي بذلتم فيها أنفسكم وأموالكم الفانية، وعُوضتم عنها بالجنة الباقية، وهذا الشراء والبيع هو الظفر الكبير لكم.
112- إن أوصاف أولئك الذين باعوا أنفسهم للَّه بالجنة أنهم يكثرون التوبة من هفواتهم إلى اللَّه، ويحمدونه على كل حال، ويسعون في سبيل الخير لأنفسهم ولغيرهم، ويحافظون على صلواتهم. ويؤدونها كاملة في خشوع، ويأمرون بكل خير يوافق ما جاء به الشرع، وينهون عن كل شر يأباه الدين ويلتزمون بشريعة اللَّه، وبشر- أيها الرسول- المؤمنين.
113- ليس للنبي وللمؤمنين أن يطلبوا المغفرة للمشركين، ولو كانوا أقرب الناس إليهم، من بعد أن يعلم المؤمنون من أمر هؤلاء المشركين بموتهم على الكفر، أنهم مستحقون للخلود في النار.
114- لم يكن ما فعله إبراهيم عليه السلام من الاستغفار لأبيه، إلا تحقيقا لوعد من إبراهيم لأبيه، رجاء إيمانه، فلمَّا تبين لإبراهيم أن أباه عدو للَّه، بإصراره على الشرك حتى مات عليه، تبرأ منه وترك الاستغفار له، ولقد كان إبراهيم كثير الدعاء والتضرع للَّه صبورا على الأذى.


{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (116) لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)}
115- وما كان من سنن اللَّه ولطفه بعباده أن يصف قوما بالضلال، ويجرى عليهم أحكامه بالذم والعقاب بعد أن أرشدهم إلى الإسلام، حتى يتبين لهم عن طريق الوحى إلى رسوله ما يجب عليهم اجتنابه، إن اللَّه محيط علمه بكل شيء.
116- إن اللَّه- وحده- مالك السموات والأرض وما فيهما، وهو المتصرف فيهما بالإحياء والإماتة، وليس لكم سوى اللَّه من ولى يتولى أمركم، ولا نصير ينصركم ويدافع عنكم.
117- لقد تفضل الله- سبحانه- على نبيه، وأصحابه المؤمنين الصادقين من المهاجرين والأنصار، الذين خرجوا معه إلى الجهاد في وقت الشدة في غزوة تبوك فثبتهم وصانهم عن التخلف، من بعد ما اشتد الضيق بفريق منهم، حتى كادت قلوبهم تميل إلى التخلف عن الجهاد، ثم غفر اللَّه لهم هذا الهم الذي خطر بنفوسهم، إنه- سبحانه- كثير الرأفة بهم، عظيم الرحمة.
118- وتفضل- سبحانه- بالعفو عن الرجال الثلاثة الذين تخلفوا عن الخروج في غزوة تبوك- لا عن نفاق منهم- وكان أمرهم مرجأ إلى أن يبين اللَّه حكمه فيهم، فلما كانت توبتهم خالصة، وندمهم شديدا؛ حتى شعروا بأن الأرض قد ضاقت عليهم على رحبها وسعتها، وضاقت عليهم نفوسهم هما وحزنا، وعلموا أنه لا ملجأ من غضب اللَّه إلا باستغفاره والرجوع إليه، حينئذ هداهم اللَّه إلى التوبة، وعفا عنهم، ليظلوا عليها، إن اللَّه كثير القبول لتوبة التائبين، عظيم الرحمة بعباده.
119- يا أيها الذين آمنوا اثبتوا على التقوى والإيمان، وكونوا مع الذين صدقوا في أقوالهم وأفعالهم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10